رشاد العليمي: حكاية رئيس الصدفة السوداء
الخميس 23 أكتوبر 2025 - الساعة 11:49 مساءً
من ولاء صالح إلى عبث الرياض… كيف تحوّل رجل الظل إلى عبء على اليمنيين.. لم يكن أحدٌ يتوقع أن يتحوّل رجلٌ مغمور مثل رشاد العليمي إلى رئيسٍ لليمن في واحدة من أكثر اللحظات اضطرابًا في تاريخ البلاد. غير أن الصدفة، ودهاء السياسة، وحسابات القوى الإقليمية والدولية، اجتمعت لتضع على رأس السلطة شخصية مثيرة للجدل، تُمثل – في نظر كثيرين – استمرارًا لنهج الفساد والولاءات القديمة لا بداية لعهدٍ جديد.
إرث الفساد والثراء غير المشروع
من المعروف أن العليمي وأبناءه تركوا قريبهم صادق العليمي، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة، في ماليزيا يعاني وضعًا مأساويًا، بينما يعيش أولاده في ترفٍ ويتلقون منحًا دراسية على حساب الدولة. وقد أسّس خلال عمله في عهد الرئيس السابق علي عبد الله صالح إمبراطورية مالية تضم ثمان شركات، أبرزها شركات خدمات نفطية يديرها ولداه عبد الحافظ وخالد رشاد العليمي داخل اليمن وخارجه.
وحين زار محافظته تعز، دخلها في موكبٍ مدرّع، يطل من نوافذه بحذرٍ، وكأنه يدرك في أعماقه أنه يشغل موقعًا لا يستحقه.
صناعة الولاء في عهد صالح
كان العليمي من أكثر المسؤولين ولاءً للرئيس صالح، وهو ما يفسّر صعوده في تلك المرحلة. فقد اعتاد صالح تقديم الشخصيات الطيّعة محدودة الكفاءة في مواقع قيادية لضمان السيطرة الكاملة، وقدّم لأبناء تعز – مدينة الفكر والثقافة – نموذجًا للاستخفاف حين جعل من أحد أبنائها وزيرًا للداخلية، وكأنه يقول لهم ساخرًا: “هذا هو ممثلكم الأمثل.”
رئيس بلا قاعدة ولا شرعية
رغم افتقاده لأي قاعدة جماهيرية أو توافق وطني، نُصّب العليمي رئيسًا لمجلس القيادة الرئاسي في مشهدٍ عبثي جرى خارج البلاد، ليُصبح أحد أغرب فصول التاريخ السياسي اليمني. وليس غريبًا أن يكون من أكثر الشخصيات اليمنية عرضةً للسخرية على وسائل التواصل، إذ يرى فيه المواطنون رمزًا للعجز والفساد في آنٍ واحد.
الفساد باسم العمل الخيري
لم يكتفِ العليمي بما راكمه من ثروات، بل أنشأ جمعية خيرية باسم ابنته فاطمة رشاد العليمي لتتحكم في المساعدات والمنح المقدمة لليمنيين، محولًا العمل الإنساني إلى قناة جديدة للثراء غير المشروع. حاول بذلك تغليف فساده بمظهرٍ خيري، مستغلًا حساسية المجتمع تجاه المرأة والعمل الاجتماعي.
بقاء قائم على افتعال الأزمات
يدرك العليمي أن أي تسوية سياسية حقيقية أو عودة فاعلة لمؤسسات الدولة تعني نهايته السياسية. لذلك يعمل على إطالة أمد بقائه من خلال افتعال الأزمات وتأجيج الخلافات، كما حدث مؤخرًا في حضرموت ومع رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك، في محاولة لإبقاء المشهد في حالة فوضى تخدم مصالحه.
وفي الوقت الذي يعيش فيه المواطنون في عدن صيفًا قاسيًا بلا كهرباء، ويغرق الجنوب في الأزمات، يواصل العليمي الإقامة في الرياض، فيما يتوسّع نفوذ أبنائه داخل الوزارات والسفارات. وتشير تقارير مطّلعة إلى أن خلافه مع رئيس الوزراء ليس سوى انعكاسٍ لصراع مصالح تجارية بين نجله خالد وبن مبارك في القطاع النفطي.
ما يجسّده رشاد العليمي اليوم ليس مجرد إخفاقٍ سياسي، بل انعكاسٌ لمرحلةٍ كاملة من العبث والفساد الممنهج الذي أرهق اليمنيين. رئيس بلا شرعية، بلا كاريزما، وبلا مشروع وطني سوى البقاء في السلطة بأي ثمن.
استمرار العليمي في موقعه يمثل وصمة عار على من يزعمون تمثيل اليمنيين، لكن التاريخ لا يرحم، واليمن – مهما طال ليله – سيستعيد وعيه، ويطوي صفحة هذا العبث إلى غير رجعة.