الاحتجاجات بين الحق المشروع والتوظيف الحزبي

الاثنين 15 ديسمبر 2025 - الساعة 10:02 مساءً

 

يُعدّ الاحتجاج السلمي أحد أهم أدوات التعبير المشروع عن المطالب والحقوق، وركيزة أساسية في أي نظام يسعى لترسيخ العدالة والمساءلة. غير أن هذه الأداة النبيلة تفقد قيمتها عندما تُختطف من قبل قوى سياسية تحوّلها إلى وسيلة ابتزاز وفوضى، وتستخدمها لتحقيق مصالح حزبية ضيقة على حساب القضايا العادلة ومعاناة الناس.

 

خلال السنوات الماضية، أتقن تنظيم الإخوان في حزب الإصلاح توظيف الاحتجاجات بأسلوب أفرغ النضال السلمي من مضمونه، وحوّله من فعل حضاري ضاغط إلى سلوك عبثي يضر بالمجتمع ويعطّل مؤسسات الدولة. فحين يتحوّل المحتج من صاحب حق إلى قاطع طريق، ومعرقل لأعمال المرافق العامة، فإن القضية تفقد مشروعيتها مهما كانت عدالتها.

 

الأخطر من ذلك أن هذه التحركات تُرفع فيها شعارات المطالبة بتقاسم الإيرادات والحقوق المالية، في وقت تقف خلفها أطراف تمارس الجبايات غير القانونية، وتستحوذ على الموارد خارج إطار الدولة، وتغذّي الأزمات بدلًا من معالجتها. وهو تناقض فاضح يكشف أن الهدف الحقيقي ليس إنصاف المظلومين، بل إعادة توزيع النفوذ والمكاسب بين مراكز قوى حزبية.

 

إن استخدام القضايا العادلة كغطاء لأهداف غير عادلة أصبح نهجًا مكشوفًا لحزب الإصلاح، وهو نهج أسهم في تشويه صورة الاحتجاج السلمي، وأساء إلى قضايا حقيقية تستحق الدعم والتضامن، وفي مقدمتها قضية الجرحى الذين يعانون الإهمال والتجاهل منذ سنوات.

 

المؤسف أن بعض الجرحى يُزجّ بهم في هذه الصراعات، ويتم استغلال معاناتهم كورقة ضغط سياسي، بدلًا من العمل الجاد والمسؤول لمعالجة قضاياهم عبر القنوات القانونية والمؤسسية. وهنا تتحول المأساة الإنسانية إلى أداة في لعبة سياسية لا تراعي كرامة الإنسان ولا قدسية المعاناة.

 

إن استعادة المعنى الحقيقي للاحتجاج السلمي تبدأ بتحريره من التوظيف الحزبي، وإعادة توجيهه نحو أهدافه الأصلية: تحقيق العدالة، وحماية الحقوق، وتعزيز حضور الدولة لا تقويضها. كما أن على الجرحى وأصحاب القضايا العادلة أن يدركوا خطورة الانجرار خلف مشاريع سياسية لا ترى فيهم سوى أدوات ضغط مؤقتة.

 

فالدولة لا تُبنى بالفوضى، والحقوق لا تُنتزع بتعطيل حياة الناس، والقضايا العادلة لا تنتصر عندما تُستخدم لخدمة أجندات أنانية دمّرت الدولة والمجتمع، ولا تزال تراهن على الفوضى كطريق وحيد للبقاء.

111111111111111111111


جميع الحقوق محفوظة لدى موقع الرصيف برس