تعطيل نشاط البرلمان .. بين اتهامات "البركاني" وسخرية "الخبجي"
الاحد 02 نوفمبر 2025 - الساعة 01:09 صباحاً
المصدر : الرصيف برس - المحرر السياسي

بعد سبات طويل ، عاد مجلس النواب الى واجهة المشهد خلال اليومين الماضين ، وعاد معه الجدل القديم والمستمر عن سر تعطيل نشاطه وعدم عودة انعقاد جلساته في العاصمة عدن خلال السنوات الماضية.
هذه العودة جاءت بالاجتماع التشاوري المفاجئ الذي عقده المجلس الخميس برئاسة رئيس المجلس سلطان البركاني عبر تقنية الاتصال المرئي ، "لمناقشة والتحديات والعوائق التي تحيل دون انعقاده وأداء مهامه الدستورية والتشريعية".
الخبر الرسمي المنشور في موقع البرلمان ، تحدث عن جهود بذلتها هيئة رئاسة مجلس النواب طيلة الفترة الماضية من أجل "انعقاد المجلس وتذليل العقبات التي تحول دون الانعقاد وتطمين جميع الجهات".
وفي حين لم يحدد الاجتماع طبيعة العقبات التي تحول دون انعقاد جلسات البرلمان او الجهة المتهمة بوضع هذه العقبات ، أكد الاجتماع ذلك بات "يمثل ضرورةً وطنيةً عاجلة لا تحتمل التأجيل".
اهم ما تمخض عن الاجتماع مان تكليف لجنة من أعضاء المجلس بإعداد دراسة متكاملة لتحديد الآليات المناسبة لعقد اجتماعات المجلس عبر الاتصال المرئي ، بالإضافة الى وضع التصورات والخطط المتعلقة بعمل المجلس، وتحديد المخالفات السابقة للدستور والقانون التي مُرست خلال الفترة الماضية.
كما كُلفت اللجنة دراسة وضع انعقاد المجلس في إحدى المحافظات المتاحة حالياً وتكليف فريق من العاملين بالمجلس لترتيب ذلك ، مع دعوة مجلس القيادة الرئاسي للانعقاد مع هيئة الرئاسة ورؤساء الكتل بصورة عاجلة في أي مكان يحدده رئيس مجلس القيادة.
وفي اليوم التالي للاجتماع ، نشرت حسابات البرلمان على مواقع التواصل الاجتماعي ، صورة لقرار رئيسه سلطان البركاني بتشكيل هذه اللجنة من 13 عضواً من أعضاء مجلس النواب.
اللافت في هذا الاجتماع المفاجئ لبرلمان ، انه سبقه بساعات نشر قناة "بلقيس" التابعة للناشطة الاخوانية توكل كرمان ، خبراً منسوباً الى رسالة داخلية زعمت بأن رئيس مجلس النواب سلطان البركاني وجهها الى أعضاء المجلس.
ووفق ما نشرته القناة ، فان البركاني هام في الرسالة ، رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي واتهمه بعرقلة انعقاد جلسات البرلمان وقال إنه لا يملك القرار ، وان هيئة رئاسة البرلمان طرقت كل الأبواب وحاولت مراراً عقد جلسات المجلس دون جدوى.
الرسالة المنسوبة للبركاني ، تتهم عضو مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزُبيدي بعدم الوفاء بوعود قطعها لتسهيل عقد مجلس النواب بالعاصمة عدن ، بل ان البركاني يؤكد بأن "الواقع الحالي لا يسمح بانعقاد المجلس لا في عدن ولا في المحافظات الشمالية، بما فيها مأرب وتعز والمخا".
وكان لافتاً تداول مضامين هذه الرسالة من قبل وسائل الاعلام التابعة لجماعة الاخوان بشكل مكثف، مع غياب أي نفي رسمي من قبل البرلمان ورئيسه البركاني ، او حتى نفي لمصادر مقربة من الرجل ، وهو ما يُعزز من صحتها.
وبعيداً عن صحة هذه الرسالة من عدمها ، الا أن الاتهامات الواردة فيها بوجود منع لعقد لجلسات مجلس النواب في الداخل، تم ترديدها كثيراً طيلة السنوات الماضية وبعضها كانت بشكل رسمي من أعضاء في مجلس النواب.
هذه الاتهامات بمنع عرقلة انعقاد جلسات البرلمان كانت تتوزع على أطراف عدة ، تتركز اولاً في التحالف العربي ودولتيه السعودية والامارات ، الى جانب سلطة الشرعية ممثلة في السابق بالرئيس هادي وحالياً بمجلس القيادة الرئاسي ، بالإضافة الى اتهام قوى ومكونات على رأسها المجلس الانتقالي الجنوبي.
الا أن هذه الاتهامات ، تُقابلها اتهامات مضادة توجه نحو مجلس النواب ذاته من هيئة رئاسته الى كافة اعضاءه الموالين للشرعية ، باختلاق الذرائع لعدم عقد جلسات المجلس من الداخل او بالرغبة في تعطيل أي نشاط للبرلمان.
وفي هذا السياق ، لعل من المهم الإشارة الى ما نشره البرلماني الاخواني / شوقي القاضي على حائطه في "الفيس بوك" ، بالتزامن مع عقد الاجتماع التشاوري لمجلس النواب الخميس الماضي.
حيث قال القاضي بأنه حاول بقوة في ابريل 2020م لإقناع هيئة رئاسة مجلس النواب ورؤساء الكتل ومنها كتلة حزب الإصلاح (الذارع المحلي للإخوان في اليمن) أن يعقد المجلس ـ أو الكتلة ـ جلساته عبر تقنيات الاتصال المرئي ، وقال بأن هذه المحاولات بائت بالفشل.
وعلق ساخراً : وبعد (خمس سنوات وستة أشهر) من محاولاتي اقتنعتْ هيئة رئاسة المجلس ورؤساء الكتل باللقاء أونلاين وها نحن الآن (الخميس) مجتمعون عبر الـ(Meet)، دعواتكم أصدقائي الكرام بأن يقوي الله إيماننا، ويثبتنا على الزوم.
وبعيداً عن الجدل القانوني والدستوري حول عقد جلسات المجلس عبر تقنيات الاتصال المرئي، الا أن حديث القاضي ، يكشف رغبة من قبل رئاسة المجلس ومن الأعضاء في وجود أي تحرك من قبلهم لتفعيل نشاط المجلس حتى على مستوى الاتصال المرئي.
ولعل أهم ما يمكن الإشارة له في هذا السياق ، كان السخرية اللاذعة التي وجهها رئيس الهيئة السياسية في المجلس الانتقالي الجنوبي ناصر الخُبجي، حول مزاعم منع عقد جلسات مجلس النواب في العاصمة عدن ، في تعليق له على هامش منتدى اليمن الدولي الذي نظمه مركز صنعاء للدراسات في العاصمة الأردنية عمّان في فبراير الماضي.
ففي احدى جلساته التي كانت مخصصة لتقييم واقع مجلس القيادة الرئاسي من قبل ممثلين القوى والأحزاب السياسية على الساحة ، تحدث القائم بأعمال الأمين العام لحزب الإصلاح ورئيس كتلة الحزب بالبرلمان عبدالرزاق الهجري، بأنه لم يُسمح لمجلس النواب بعقد جلساته في عدن او في غيرها، مؤكداً انه يتحمل مسئولية هذا الكلام.
ليرد عليه الخُبجي وهو ايضاً احد أعضاء مجلس النواب ، ويوجه سؤالاً مباشراً لهجري : من منعكم؟ هل منعكم الانتقالي؟ ، ليكشف الخُبجي عن لقاء جمع بين رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزُبيدي ورئيس مجلس النواب سلطان البركاني، وجرى الاتفاق ان يتم يُعقد لقاء بين رئاسة مجلس النواب ورئاسة الانتقالي في عدن لمناقشة ترتيبات عقد جلسات مجلس النواب بعد الاخذ بالمخاوف لدى الانتقالي.
لكن الخبجي ختم تعليقه بشكل ساخر على هذه الاتهامات موجهاً نقداً لاذعاً عبر الهجري الى رئيس وأعضاء مجلس النواب ، قائلاً بلهجته : يبدوا أنكم ما عاد تشتو ترجعوا الى عدن وقدكم مستقرين مع أسركم في القاهرة والرياض وتركيا ، ونسوانكم ما بترجع للحمى حق عدن.
هذه السخرية اللاذعة من التحديات اللوجستية لعقد جلسات مجلس النواب في الداخل بسبب استقرار غالبية الأعضاء في الخارج ، يُعززها ما ورد في الرسالة المنسوبة الى البركاني من قبل قناة "بلقيس" ، حيث يخاطب الأعضاء بالاقتناع بعدم إمكانية عقد الجلسات بالداخل قائلاً: "لن تجدوا ما يغطي نفقات الاجتماع حتى لو تبرعتم بالتذاكر والسكن".
يكشف هذه الحديث للبركاني ، عن واحد من أهم العقبات التي تقف خلف عدم عقد جلسات مجلس النواب ، وهو صعوبة عودة واستقرار رئيس وأعضاء المجلس في الداخل بعد 10 سنوات من استقرارهم مع عوائلهم خارج اليمن.
وما يؤكد ذلك ، ما حصل في الالتئام الثاني والأخير لمجلس النواب في الداخل، الذي حدث في العاصمة عدن في ابريل 2022م ، بهدف أداء اليمين الدستوري لرئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي حينها.
حيث لم تدم جلسات المجلس لأكثر من يومين ، وكانت هناك مطالبات ودعوات من بعض أعضاء المجلس للاستمرار في عقد الجلسات لمناقشة الملفات والأزمات التي تعانيها المناطق المحررة واستغلال فرصة التئام المجلس بعد 3 سنوات من عقد جلسة سيئون لانتخاب رئاسة المجلس.
الا أن أغلب الأعضاء حينها قد سارعوا في اليوم الأول بعد أداء رئيس وأعضاء مجلس القيادة لليمين الدستوري ، الى مغادرة عدن بذريعة عدم قدرتهم على الاستقرار في الداخل ، وان الجانب السعودي تكفل فقط بتكاليف سفرهم الى عدن لعقد جلسة اليمين الدستوري.
لقد كشفت تلك الحادثة ، عن احد الأسباب أن لم يكن أهمها ، لغياب نشاط مجلس النواب من الداخل ، لصعوبة تقبل اعضاءه فكرة التضحية بالعيش خارج البلاد والعودة الى الداخل ، الى مواجهة الظروف الصعبة التي يعايشها من يدعون بأنهم ممثلون له .














